تقاريرسلايد

أكلة الخطيئة في القرون الوسطى: تحدي الذنب من أجل رغيف خبز

قد يكون الانتقال من الحياة الحالية بمفاهيمها إلى القرون الوسطى في أوروبا أمرًا صعبًا، حيث سادت أفكار غريبة ومخيفة في بعض الأحيان، ومن بين هذه الأفكار كانت وجود جماعة “أكلة الخطايا”.

كانت الخطايا والذنوب التي يرتكبها البشر في نظر الكنيسة ستجعلك ملعونًا للأبد، وكان هذا بالنسبة للأثرياء أزمة كبيرة، فظهرت أفكار حول الدين غريبة مثل “صكوك الغفران” التي كانوا يشترونها من البابا مباشرة بأموال طائلة، ولكن كان هناك فكرة أخرى مماثلة لصكوك الغفران يلجأ لها من لا يستطيعون تحمل أثمان تلك الصكوك!

Human skull in dry autumn leaves

أكلة الخطايا

لعب أكلة الخطايا دورًا فريدًا وغامضًا في مجتمعات وثقافات القرون الوسطى في أووربا، خاصة في الجزر البريطانية، واستمر هذا الدور في بعض المناطق إلى القرن التاسع عشر.

كان جماعات “أكلة الخطايا” جماعات من الفقراء، المنبوذين اجتماعيًا، يقتصر دورهم على أن يؤدون طقوس يعتقد أنها تغفر خطايا المتوفي، وبالتالي تضمن انتقال أرواحهم في سلام إلى الحياة الآخرة بعد أن تخلصت من ذنوبها وخطاياها.

وكان عندما يموت أحدهم يضعون على صدره بعض قطع الخبز والطعام، ويأتي آكل الخطايا – الذي كان وجوده في الجنازات سببًا من أسباب التخفيف على أهل الميت- ثم يقول بأكل هذا الطعام فوق صدر الميت.

واعتقد المجتمع في ذلك الوقت أن أكل “آكل الخطايا” لهذا الخبز يعني أن خطايا الميت قد انتقلت إلى هذا الفقير المعدم، الذي يطرد بعد ذلك من البيت وهو يشتم ويضرب ويلقى في الخارج، بعد أن تمثلت فيه خطايا الميت.

كيف عاش أكلة الخطايا؟

كانت طقوس أكل الخطيئة واضحة نسبيًا ولكنها رمزية للغاية، عندما يموت شخص ما، تضع عائلته رغيف خبز على صدر المتوفى، أحيانًا مع وعاء من البيرة، وأحيانًا عملة معدنية مقابل خدماتهم.

بعد ذلك يتم استدعاء آكل الخطيئة إلى فراش الميت، حيث يأكلون الخبز، ويشربون البيرة، ويأخذون العملة المعدنية، وبالتالي يستهلكون خطايا المتوفى بشكل رمزي،ويُعتقد أن هذا الفعل ينقل الذنوب من الميت إلى آكل الخطايا، مما يسمح للميت بدخول الحياة الآخرة مطهّرًا من الذنوب.

لذلك كان أكلة الخطيئة يعتبرون حاملين لخطايا الآخرين، وهي مهنة خطيرة تخاطر بأرواحهم الخالدة من أجل وجبة حقيرة، ولذلك كانوا في كثير من الأحيان منبوذين اجتماعيًا، ويعيشون على هامش المجتمع.

كان دورهم متناقضا، لقد قدموا خدمة حاسمة في نظر أولئك الذين آمنوا بهذه الممارسة، ومع ذلك تم تجنبهم بسبب طبيعة عملهم، فأكل خطايا الآخرين جعلهم موضع خوف واشمئزاز، وكثيرًا ما كان يتم تجنبهم في الحياة اليومية، وهم في العادة كانوا من الفقراء المعدمين أو من مدمني الكحول.

ورغم ذلك كان حضورهم في الجنازات مصدر راحة للمحزونين، فقد قدموا شكلاً من أشكال الغفران لأحبائهم، وهو ما لم تتمكن الكنيسة من تقديمه، بمبادئها الصارمة حول الخطيئة والفداء.

بالطبع كانت الكنيسة تدين “أكلو الخطيئة”، لكنها في كثير من الأحيان لم تصل إلى حد الإصرار على تجريمهم أو تجريم من يستحضرونهم للجنازات.

غالبًا ما كان أكلة الخطيئة أنفسهم ينعزلون طوعًا عن المجتمع، ربما نتيجة لإيمانهم الحقيقي بالخدمة التي يقدمونها، بقيت الحكايات التي من شأنها أن تدفع الناس العاديين إلى مثل هذه التضحية، مثل قصة ريتشارد مونسلو.

آخر أكلة الخطايا

كان آخر آكل خطايا مسجل هو “ريتشارد مونسلو”، وقد كان هذا الرجل قد عاش في النصف الأول من حياته حياة طبيعية، وكان لديه عائلة بالفعل.

كان مزارعًا ثريًا حتى أصابت الحمى القرمزية ثلاثة من أبنائه في عام 1870 وماتوا كلهم في غضون أسبوع واحد، واحد تلو الآخر.

ارتدى مونسلو عباءة آكل الخطايا، ربما للتكفير عن أي من خطاياه التي تسببت في مثل هذه المحنة،  أو ربما ببساطة لإنقاذ الآخرين من الموت بذنوبهم

في عام 1906 توفي ريتشارد مونسلو، آخر آكل للخطايا.

بعد مائة عام تقريبًا تعاون السكان المحليون في قرية راتلينغهوب لترميم قبره  2010. وقال كاهن البلدة، نورمان موريس: “بات القبر الآن في حالة ممتازة، لكنني ليس لدي رغبة في استعادة الطقوس التي رحلت بوفاة ساكن هذا القبر”.

طقوس مشابهة إلى الآن

لم يمت تقليد آكلوا الخطايا تمامًا، فمثل عادة الأكل على جثة المتوفي أو في احتفال يلي الوفاة موجود في عدة مناطق في العالم.

في الصين هناك ممارسة تشبه تلك الممارسة، حيث حيث تنتقل خطايا وذنوب المتوفي إلى الطعام الذي تتناوله أسرته بعد وفاته.

وفي أوائل القرن العشرين كانت العائلات في بفاريا بألمانيا تضع كعكة على صدر المتوفي يأكلها الأقربون وعائلته المحببة.

وكذلك يأكل مشيعو الجنازة في إيطاليا “كوكيز” على شكل عظام تسمى “عظام الموتى ossi di morti”، وغالبًا ما ينهي الألمان الجنازة بوليمة جنائزية يأكلون فيها كعك بسكر.

 

 

اقرأ أيضًا: 

زوزو نبيل.. الخالة لبيبة التي عاشت دراما غريبة

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!