كتب – أحمد المرسي
قد يكون القرن التاسع عشر هو أحد أغرب القرون التي مرت على البشرية، حيث ظهر فيه الثورة الصناعية، واختراعاتها الغريبة كالسيارة والقطار والتليفون والتلغراف، وهي أشياء كان يراها الناس غريبة وعجائبية ومدهشة، ولكن الحقيقة أنه في ذلك القرن أيضًا كان يوجد أشياء غريبة بهرت الناس ولم تكن من نتائج الثورة الصناعية. من تلك الأشياء “حورية بحر فيجي”.
الحوريات في التراث الإنساني
عاش البشر طويلًا وخاصة البحار، من العديد من الثقافات يعتقدون في وجود حوريات البحر، وكان المسافرون عبر البحر ينتظرون في أي وقت أن تظهر في أي مكان، وزاد الإيمان بأسطورة حورية البحر في عصر النهضة والباروك، ولكن الحقيقة أن لا أحد قد رآها، قبل عرضها في ذلك اليوم في لندن.
حورية بحر فيجي
في عام 1822 كان جمهور لندن على موعد مع عرض غريب ومدهش، لحورية بحر، اسمها حورية بحر فيجي، تلك الحورية تظهر بتكوينها الفيزيائي الغريب، كنصف سمكة ورأس قرد، كان يكسوها قشور السمك، بينما يغطي الشعر جسمها من الأعلى بينما يتدلى من صدرها ثدري، والفم مفتوح والأسنان بارزة، بينما تضع يدها اليمنى على الخد الأيمن، واليسرى تحت الفك السفلي الأيسر.
قال عارضوا الحرية أنه تم اصطيادخا في بحر اليابان في جنوب المحيط الهاديء. بالقرب من جزر فيجي اليابانية، وعندما رآها الجمهور الإنجليزي لم يصدق عينيه.
حقيقة حورية بحر فيجي
كان الصيادون اليابانيون يقومون بخياطة الأجزاء العلوية من القردة على جثث السمك، وذلك لصنع دمى تستخدم في أغراض دينية وثنية، ولكن عندما رأى القبطان الأمريكي صموئيل باريت إدس هذه الدمية، قام بشرائها منهم، بمبلغ 6 آلاف دولار أمريكي.
أخذ إدس الدمية وعرضها في إنجلترا، بعد وفاته انتقلت الحورية إلى ابنه الذي باعها في بوسطن، سنة 1842، لجلب كميل، الذي أخذها إلى نيويورك وعرضها للبيع على بي تي بارنوم أشهر مقدمي العروض في ذلك العصر.تشكك بارنوم في البداية في أهمية الدمية، فقام بتأجيرها من كيمبل بسعر 12 دولار في الأسبوع.
قام بارنوم بتأليف قصة للصحافة بهدف الترويج للدمية قال فيها أنها عثر على حورية بحر اصطداها الدكتور غريفين، في أمريكا الجنوبية، وكان غريفين في الأساس أحد شركاء بارنوم. ومن أجل حبك القصة أخذ غريفين الحورية وعاش في فلادليفيا عدة أسابيع بصحبة الحورية حيث رآها الكثير من الناس. وكتبت عنها الصحافة.
أعلن بارنوم أنه أقنع غريفين بعرض الحورية لديه لمدة 5 أيام فقط، وأنه سيرحل بها بعد ذلك، من أجل أن يتم كسب أكبر قدر من المال مباشرة قبل أن يتم اكتشاف الخدعة، وبالفعل هذا ما حدث.
اختفاء الحورية
بعد أن ظهرت الحورية في عرض بارنوم اختفت عن الأنظار، وتم حفظها في متحفه، الذي احترق في ستينات القرن ال 19، وفقدت الحورية، ولكن تم نسخها أكثر من مرة بعد ذلك، عن طريق مقدمي عروض آخرين، من أجل جذب الجماهير.
