علاقة رؤساء وحكام مصر بالتدخين علاقة وطيدة، بعضهم أحبها بجنون، والبعض الأخر لم يقربها، في هذا التقرير نحاول معرفة علاقة رؤساء وحكام مصر بالتدخين بداية من فاروق نهاية بعبد الفتاح السيسي.
– الملك فاروق
من المعروف عن الملك فاروق، عشقه لتدخين الشيشة، وله صورة شهيرة وهو يشرب الشيشة، يظهر فيها جالساً متربعاً على كرسى خشبى مزخرف، مرتدياً بدلة سوداء اللون ونظارته الشهيرة، وهو يدخن الشيشة.
هذه الصورة، ووفقا لموقع الملك فاروق لها قصة، فبينما كان فاروق الأول ملك مصر والسودان، في موكبه لزيارة قصر رأس التين في الإسكندرية المحببة لقلبه، استوقفته فتاة يونانية اسمها مارى بيانوتى، وحيته، انطلق الحرس ليمنعها، لكن فاروق أشار لهم بالتوقف، حياها الملك، فدعته الفتاة لزيارة مقهاها، وكان اسمه مقهى “كاليميرا”، وهي كلمة يونانية تعني صباح الخير.
لبى فاروق الدعوة، ودخل المقهى وطلب شيشة وشاي مصري، وهناك التقطت الصورة الشهيرة، أعجب الملك فاروق بالمكان، وأعطاها عطية لم يعرف أحد قيمتها، لكن في اليوم التالي للزيارة بدأت الفتاة بتجديد المقهى، واسمته مقهى الملك فاروق، وصنعت تيجان من نحاس عليها اسم الملك فاروق لتضعها علي أبواب المقهى.
كان الملك فاروق بجانب الشيشة يدخن السيجار قليلا حتى تم خلعه، فلما سافر إلى منفاه في روما، صار تدخين السيجار عبئا ماليا عليه، بحسب مذكرات الملك فاروق لكريم ثابت.
محمد نجيب
رحل فاروق وعصره ومصره، وجاء عصر جديد وحكام جدد ومصر جديدة، وبدأ حكم محمد نجيب الذي كان معروف بتدخين البايب، وقد ظهر في صورة غريبة وهو يلعب في الجيم الخاص بالملك فاروق وهو يضع البايب في فمه، فلم يكن وقتها الحديث عن أضرار التدخين أخذ نفس المنحى الحالي، حتى ان فنانات شهيرات مثل فاتن حمامة كانوا يروجون للسجائر في إعلانات تجارية.
– جمال عبد الناصر
أطاح جمال عبد الناصر ورجال يوليو بمحمد نجيب وتم وضعه قيد الإقامة الجبرية، لم يكن ناصر مدخنا، لكنه تعلم السجائر عن طريق صديق عمره عبد الحكيم عامر، فأصبح مدخنا شرها.
وفي كتابه الممتع “من علم عبد الناصر شرب السجائر”، يحكي الكاتب عمر طاهر عن علاقة الرئيس المصري الراحل بالتدخين، حيث ينقل عن ناصر قوله:
“إحنا صعايدة وضباط، وأخدنا شقة مع بعض في القاهرة، وهو الوحيد اللي أدخل بيته في عدم وجوده والعكس صحيح وإذا أردت أن أحل أي معضلة أتكلم مع عامر حتى تتبلور أفكاري، وعامر هو الوحيد الذي يمكن أن يتقبل عني الرصاص، وهو اللي علمني شرب السجاير”
– السادات
تولي السادات حكم مصر سنة 1970، بعد وفاة ناصر أو بعد قتله حسب ما أكد لي سائق التاكسي، كان السادات يشرب الغليون أو البايب، وكان يحرص على التصوير به.
في كتابها “ابنته”، تحكي رقية السادات علاقة والدها بـ البايب، وتقول إن الرئيس لم يكن يحب البايب من الأساس، لكنه كان يحب السجائر، وفي زيارة له مع الرئيس عبد الناصر للاتحاد السوفيتي للاطمئنان على صحتهما، طلب الأطباء من السادات الإقلاع عن التدخين، لتكرار إصابته بالذبحة الصدرية.
كان السادات مؤمن إن الإنسان بلا مزاج لا يساوي شيء، بحسب رقية ابنته، تقول رقية: “كان من الصعب عليه أن يقلع عن السجائر حيث كان يرى أن الإنسان بدون مزاج لا يمكن أن يعيش على الإطلاق، وكان يرى مزاجه فى السجائر”.
لكن الأمر تكرر، فنصحه الأطباء بشرب سجائر نعناع وبالفعل جربها السادات ولكنها لم تعجبه، عمل الأطباء أشعة له على الصدر فوجدوا أن الرئة في حالة خطرة، فنصحوه بشرب السيجار الكوبي وبالفعل جربه السادات ولكن لم يعجبه أيضا، ثم نصحوه بتدخين البايب، ومن هنا بدأت علاقته بالبايب.
-مبارك
رحل السادات في العرض العسكري سنة 1981، بعدما عدل الدستور بما يسمح للرئيس للبقاء في الحكم لمدد رئاسية، تعديل استفاد منه مبارك الذي حكم 30 عاما، مبارك الذي عُرف عنه ممارسته رياضة الإسكواش والاهتمام بصحته وسفره للعلاج في ألمانيا بشكل دوري، كان يدخن السيجار هو الآخر، وينقل حسنين هيكل في كتابه “مبارك وزمانه من المنصة للميدان”، أن ناصر تعلم السيجار في بعثة للاتحاد السوفيتي وأعجب به، وكان يراه وسيلة للفخامة، وقال له: “ابقى قولنا يا محمد بيه بتجيب السيجار بتاعك منين، ونخلي الرئاسة تجيبه”.
وظهر مبارك في فيديو لأحد المباريات و هو يدخن السيجار، لكنه بحسب مقربين لم يكن مدخنا شرها، حيث كان يشرب السيجار بكميات قليلة.
قدم مبارك سيجار إلى هيكل، وتحدث الرئيس الراحل أنه يدخن السيجار مرة واحدة يوميا وبعيدا عن المناسبات الرسمية والكاميرات، ودخن هيكل السيجار وسأله مبارك عن رأيه، كان مبارك يهتم برأي هيكل في السيجار كونه أشهر من سرب السيجار في مصر.
ظهر على وجه هيكل علامات عدم الرضا، وقال له هيكل أن هناك 75 نوع من السيجار، وحتى يظهر الفرق أحضر هيكل صندوق السيجار من سيارته، وأعطى واحدة للرئيس الذي أعجب بها، وقال له مبارك : “ايوة كدا .. ابقى قول للولاد (يقصد العاملين في رئاسة الجمهورية)، أسامي الحاجات الحلوة دي”، كان هذا قبل أن تتحول العلاقة بين مبارك وهيكل.
ومصدر الصورة الأخيرة لمبارك تقرير للزميل أحمد رحال في موقع Identity Magazine نشر في سنة 2016.
– محمد مرسي
فاز الدكتور محمد مرسي بانتخايات الرئاسة بعد وصوله لجولة الإعادة مع اللواء أحمد شفيق، لكن لا يوجد أي دليل عن تدخين مرسي للسجائر، وحسب بحثنا لا يوجد صورة على الإنترنت له وهو يدخن، وفي غالب الظن أنه لم يكن مدخنا.
– عبد الفتاح السيسي
من المعروف عن الرئيس السيسي إنه غير مدخن، لكن ليس هذا فقط، بل أنه من كارهي التدخين، ويحرص في كل لقاء له مع مدخن على توجيه نصيحة له، فمثلا وجه الرئيس السيسي سؤالا لبعض الطلاب والطالبات الدارسين بالكلية الحربية، المتواجدين في سنة 2021: “كام واحد فيكوا بيدخن بصراحة؟، مش هعمله حاجة، اوعوا بعد ما تشتغلوا تسمحوا لنفسكوا انكوا تدخنوا، حفاظا على الصحة العامة”.
وأثناء توليه وزارة الدفاع، تفقد الرئيس السيسي بعض الوحدات، وأمسك بالمجند سيد خليل محمد وسأله عن التدخين فأجاب العسكري بالإيجاب، وقال له السيسي :”بتدخن إزاي وإحنا في الدبابة”، فقال العسكري إنه لا يدخن في الدبابة، فضحك الرئيس السيسي وربت على كتفه، وقال له: “أنا عارف”.
المصادر
كتاب من علم عبد الناصر شرب السجائر – عمر طاهر
كتاب مبارك وزمانه من المنصة للميدان.- هيكل.
كتاب ابنته – رقية السادات.
كتاب فاروق كما عرفته – كريم ثابت
موقع الملك فاروق.
أقرا أيضا