كتب- أحمد المرسي
يمتلأ تاريخ المنطقة العربية بمدعي النبوة، وقد كان ذلك في عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، أو بعده، من أمثال مسيلمة الكذاب في اليمامة، والأسود العنسي في اليمن، وزاد ذلك في العصرين العباسي والأموي مثل حنظلة بن يزيد الكوفي والحارث الدمشقي، وغيرهم. ولكن على الرغم من أن ذلك قد يكون في نظرنا الآن مجرد عبث. إلا أنه والعجيب أن تلك الدعوات قد لاقت اهتمام بشكل كبير.
ولكن هل يعتقد أن يقوم أحد المعاصرين بمثل هذا الفعل. ويدعي النبوة؟ لقد كان صلاح شعيشع واحد من هؤلاء!
من هو صلاح شعيشع؟
ما نعرفه عن ذلك الرجل أنه ولد في عام 1922 في الإسكندرية. وأنه درس في كلية الطب. وأنه كان متفوقًا في دراسته. ولكن سلوكه القائم على التنمر على كل شيء. منعه من أن يحظى بفرصة التوظيف في الجامعة كمعيد. وهو ما أثار سخطه إلى فترة كبيرة. فاضطر بعد ذلك إلى أن يقوم بفتح عيادة له في محرم بك.
لم تشتهر عيادة الباطنة، التي فتحها صلاح شعيشع. فقرر أن يبدأ في تحويل العيادة إلى عيادة نساء وتوليد وبالخصوص عيادة للإجهاض. وبالفعل قام بذلك. وحصل على شهرته في هذا المجال غير القانوني.
الميكانيكي والنبوة
بدأت قصة صلاح شعيشع مع النبوة. عندما كان يصلح سيارته لدى ميكانيكي سيارات. وأخبره هذا الرجل أنه ذهب لأحد الشيوخ. ساعده في مشكلة لديه مقابل 7 جنيهات. ولم يقتنع صلاح بهذا الأمر.
في يوم كان عند الميكانيكي الخاص به. وأنه حرر نفسه مقابل 7 جنيه. رفض صلاح هذا الوضع، وأشار عليه أن يسترد ماله. وعندما أخذ الميكاني إلى هذا الشيخ. استطاع الشيخ أن يستقطب صلاح شعيشع. عندما أخبره بمعلومات عنه وعن حياته. واسم زوجته وأطفاله.
وكان ذلك بداية إيمان شعيشع بالماورائيات. فقد اتبع هذا الشيخ لمدة خمس سنوات. وغيره من الشيوخ. ثم بدأ في اتباع الطريقة الصوفية الشاذلية. وبعد ذلك تحول إلى ممارسة اعمال الدجل. واشتهر اسمه بين الجهلاء.
إدعاء النبوة
تقرب صلاح لرجال الأعمال والمثقفين في الإسكندرية. وبدأ يدمج بين الدجل والطب “العلم”. وقام بإداعاء النبوة. وصدق من داخله أنه نبي لا يكذب. قال أن جسد النبي محمد مات. ولكن روحه حلت فيه. وجعلته يكمل دعوته لتخليص العالم من الفساد.
أخبر صلاح شعيشع أنها صارت خديجة. لأن روح النبي حلت فيه. وبعد محاولات للنقاش. فشل في اقناعها. وقرر أن يعرض نبوته على ممرضة العيادة. وصارت أول أتباعه. طلبت زوجته الطلاق. فطلقها. وعاش مع الممرضة. وبدأ في التخطيط للمجاهرة بنبوته. وبعد إحدى صلوات الجمعة بدأ يتحدث مع الناس في أحد المساجد. ولكن الناس هاجموه. ولكنه لم يستسلم. ولكنه بدأ في جذب الجهلاء له.
وبطريقة خبيثة استطاع أن يمرر لهم في الخفاء أنه نبي مرسل من السماء ليصحح له دينهم. وبدأ يفسر القرآن بطريقته. فزاد أعداد متابعينه.
أم المؤمنين
بعد ازدياد أتباعه. وصل صلاح شعيشع إلى طبيب يدعى أحمد وزوجته نشوى. اللذان آمنا به. وبطريقته السحرية. وقاما بتحويل بيتهما إلى مقر له. حيث سمي “الساحة المقدسة”. وفي الحقيقة أن صلاح أقنع أحمد أن الأمر السماوي جائه بأن تكون نشوى هي أم المؤمنين. ولكي يفعل ذلك يجب أن يعاشرها معاشرة الأزواج. وهو ما سمح به الطبيب المغيب. وهو ما تم بالفعل. وما حدث. أن أحلام نشوى صارت بعد ذلك أحلامًا مقدسة. يفسرها صلاح على هواه لمتبعينه. واسماها “تنزيلات نشوانا”.
ملوك وصعاليك
قسم صلاح مريدينه إلى فئتين “ملوك وصعاليك”. الملوك هم من آمنوا به من البداية. سنة 1960. اما الصعاليك فكانوا من آمنوا به بعد 1970. وقد تعددت الممارسات الشاذة لتلك المجموعة. من معاشرة جنسية لأتباعه، إلى وضع مبالغ مالية في حسابه لإعطائهم البركة، وأجبر مريدية على أن يلحقوا إسمه بـ “عليه السلام”. ويكتبونها “ص. ع. س” أي صلاح عليه السلام.
تبع صلاح شعيشع عدد كبير من الأطباء والأساتذة الجامعيون والمهندسيون وكبار رجال الأعمال في الإسكندرية. حتى وصل عدد أتباعه إلى 1200 مؤمن.
سقوط النبي
في 1985 بدأ المباحث مراقبة الأمر ورصده. وتم القبض عليه وعلى مريدينه في شقة بسيدي جابر. وتم التسليط الضوء عليه. لتبدأ الحقائق في الانكشاف. وتم كشف أرباحه من مريديه. وقد تم سجنه لمدة 5 سنوات. وخرج الأزهر ببيان شديد اللهجة كفر فيه صلاح شعيشع. وعاش حتى 1990 في السجن. ومات بعد خروجه من سجنه بـ 3 سنوات في الظل.
