سلايدلقطات

بعد ظهورها في مسلسل “سره الباتع”.. متى ظهرت الكارتة لاول مرة في تاريخ مصر؟

قصة وسائل النقل في مصر

كتب – أحمد المرسي

مرت مصر طوال تاريخها الطويل الممتد بأشكال كثيرة من وسائل النقل. وكانت تلك الوسائل متعددة. حتى انتهت في عصرنا الحالي بالطائرات والغواصات وغيرها. وقد ظهرت بالأمس في الحلقة الثانية من مسلسل سره باتع لقطتين تظهر فيهما عربة كارتة في أحد القرى المصرية زمن الحملة الفرنسية عام 1798. فيما يعتبر مغالطة تاريخية كبيرة.

تاريخ المركبات في مصر

ظهرت المركبات ذات العجلات في مصر في زمن الهكسوس. وتجمع أغلب المصادر التاريخية أن اول من استخدم العربات الحربية كان الهكسوس في غزوهم لمصر. ولكن على الرغم من أن العجلات الحربية كانت سبب هزيمة مصر. إلا أن المصريين القدماء قاموا بتطوير تلك العجلات واستخدموها لطرد الهكسوس. وصارت أحد أهم وسائل الحرب لديهم.

انتقلت العجلات الحربية للإغريق والرومان. الذين استخدموها في الحرب. وأقاموا لها سباقات وحلبات خاصة. وكان لها الكثير من الجماهير. ولكن مع مضي الوقت. استغنت تلك الشعوب عن العجلات الحربية. لصالح الخيالة الخفيفة. وهو فن الحرب الذي يعتمد على السرعة في الهجوم.

اختفاء العجلات الحربية

لا يذكر أي مصدر من المصادر الوسيطة “تاريخ القرون الوسطى” العجلات الحربية. وقد كان حوض البحر المتوسط ساحة حرب واسعة بين المسلمين والروم “الدولة البيزنطية” حتى تم فتح القسطنطينية على يد محمد الفاتح. ولم يستخدم أي من الفريقين العجلات الحربية.

وسائل النقل في مصر

طوال القرون الوسطى. وخلال العصر الإسلامي بمختلف دوله. سواء الدولة الأموية، العباسية، الفاطمية، الأيوبية، دولة المماليك. اقتصرت وسائل مواصلات الشعب على الحمير الخفيفة. وكانت النسوة يركبن ما يسمى “الحمير العالية”. وهي حمير مجهزة لركوب النساء بحيث ترتفع أقدامهن على جانبي سرج الحمار. وكانت الحمير مخصصة لعامة الشعب. بينما كان الشيوخ وكبار رجال الدولة يركبون البغال. فيما تستخدم الخيول في الحروب.

الحملة الفرنسية

انبهر الجنود الفرنسيين بالحمير المصرية الخفيفة والسريعة بشكل كبيرة. وعبروا عن ذلك في مذكراتهم المكتوبة. ولكن في الوقت نفسه انبهر المصريون من جديد بالعجلة!

يقول الجبرتي في كتابه عجائب الآثار في التراجم والأخبار أنه في يوم 5 ديسمبر 1798 شاهد بعض الفرنسيين يقومون ببناء بعض الابنية فجاء فيما كتب نصًا:

«فعلوا هذا الشغل الكبير والفعل العظيم فى أقرب زمن، كانوا يصرفون الرجال من بعد الظهيرة، ويستعينون فى الأشغال وسرعة العمل بالآلات القريبة المأخذ، السهلة التناول، المساعدة فى العمل وقلة الكلفة، كانوا يجعلون بدل الغلقان والقصاع “عربات” صغيرة، يداها ممتدتان من خلف، يملؤها الفاعل ترابًا أو طينًا أو حجارة من مقدمها بسهولة، بحيث تسع مقدار خمسة غلقان، ثم يقبض بيديه على خشبتيها المذكورتين ويدفعها أمامه فتجرى على عجلتها بأدنى مساعدة إلى محل العمل، فيميلها بإحدى يديه، ويفرغ ما فيها من غير تعب ولا مشقة، وكذلك لهم فؤوس وقزم محكمة الصنعة، متقنة الوضع، وغالبًا الصناع من جنسهم، ولا يقطعون الأحجار والأخشاب إلا بالطرق الهندسية على الزوايا القائمة والخطوط المستقيمة»،

وعلق الأستاذ يحي حقي في كتابه صفحات من تاريخ مصر الصادر عن الهيئة المصرية: «هكذا كانت تعيش مصر فى عالمها المقفل إلى حد أن عربة نقل صغيرة بعجلة أمامية واحدة بدت للجبرتى وكأنها معجزة شيطانية».

الكارتة في سره الباتع

لم يعرف المصريون العربات التي تجرها الخيول إلا مع الحملة الفرنسية. حيث رأوا نابليون بونابرت وهو يسير في عربة تجرها 6 خيول. ومن ثم رأوا محمد علي باشا بعد ذلك، ويقول “جوزيف ديستورميل” في كتابه اللي بيصف فيه مشاهدة المصريين لعربة محمد علي وهي أول مرة يشوفوا فيها الشكل دا، ما نصه: “كان جميع المارة يقفون للتعبير عن اعجابهم الصامت بعربة الباشا التي بدت لهم أكثر اعجابا من الاهرمات”.

ولا يخفى على أحد أن هذه العربة لم تنتقل إلى الأرياف إلا في منتصف القرن التاسع عشر. بل إننا في مرحلة متأخرة نرى السينما وهي تظهر عمد وشيوخ القرى يركبون الحمير للتنقل. وهو ما يعني أنها حتى بدايات القرن العشرين كانت رفاهية لا يقدر عليها الكل. ولهذا يعتبر ظهور الكارتة في فترة الحملة الفرنسية في مسلسل سره باتع مغالطة تاريخية كبيرة.

 

 

اقرأ أيضًا: 

بعد عرض أول حلقتين.. أخطاء بالجملة في مسلسل سره الباتع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!