تقاريرسلايد

سعيد باشا.. ملك مهووس برأي شعبه

سعيد باشا.. ملك مهووس برأي شعبه

كتب – أحمد المرسي

“مسكين سعيد! قلبه رقيق وطيب، لا يكره ولا يبغض، لو كان يملك بعضًا من العقل لأصبح نموذجًا للحاكم في مصر”.

كانت هذه شهادة من مذكرات نوبار باشا. وهي واحدة من أهم المذكرات في تاريخ مصر. لرجال خالط أغلب حكام الأسرة العلوية. وكتب عنهم. ومنهم سعيد باشا.

في الغالب نحن لا نعرف عن سعيد باشا إلا أنه الرجل الذي أعطى الأمر بحفر قناة السويس. وأن دليسبس استغل حبه للمكرونة من أجل ان يجبره على توقيع هذا العقد. ولكن الحقيقة أن سعيد كان شخصية أعمق من تلك الصورة بكثيرة.

من هو محمد سعيد باشا

هو الابن الرابع لمحمد علي باشا، مؤسس مصر  الحديثة. ولد في عام 1822. واختار له دراسة فنون البحرية. فتربى تربية عسكرية. وترقى حتى وصل لرتبة “سر عسكر الدوننمة”. او قائد الأسطور. تولى حكم مصر بعد وفاة عباس حلمي الأول. في سنة 1854.

طفولة تأثرت بالأجانب

منذ طفولته أحب سعيد المصريين، وكره الترك والشركس. وعلى الرغم من ذلك إلا أنه كان يميل للفرنسيين. بسبب تربيته وسطهم. خاصة القنصل الفرنسي “كوال”. والذي كان يعيش في الإسكندرية. فترة حكم الباشا. وكان يعيش سعيد يعيش في بيته. فكون علاقة صداقة كبيرة مع ابن نائبه “فردينان دليسبس”. وأصبح صديق طفولته. وهي الصداقة التي تسببت بعد ذلك في حفر قناة السويس.

Portrait non daté de Ferdinand de Lesseps, diplomate français qui constitua et dirigea la Compagnie du Canal de Suez en Egypte dans les années 1860. (Photo by – / AFP)

تولي الحكم

بعد مقتل عباس. والي البلاد. تم تعيين سعيد باشا واليًا لحكم مصر بأمر من السلطان العثماني. وقد دفعه حبه لمصر والمصريين لاتخاذ بعض الخطوات التي لازالت آثارها موجودة حتى الآن.

إنقاذ الآثار المصرية

سن سعيد قانون لإنقاذ الآثار المصرية من السرقة. وعمل قانون يمنع جمع الآثار وخروجها. وقام بإنشاء متحف للآثار في بولاق. سبق المتحف المصري الموجود حاليًا في التحرير.

وقبل قانون الآثار كان مسموحًا لأي أجنبي بأن يأخذ ما يريد من آثار مصر ويسافر بها خارج بلاده. وحتى الآن يمتلأ متحف اللوفر بمثل هذه الآثار التي سرقت ذات يوم من مصر.

سعيد والعسكرية

قبل سعيد باشا كانت العسكرية “الجهادية” بمثابة حكم بالإعدام على المصريين. وذلك لأن الفلاحين كانوا يساقون جبرًا للحروب كالأسرى. ولا يعودون لبلادهم ثانية. فقام سعيد بتحديد مدة الخدمة العسكرية. وأقر التجنيد على كل طبقات الشعب. مما جعل الفلاحين يشعرون بالطمأنينة والراحة.

وأصدر قرار بترقية المصريين إلى رتبة ضابط. ولم يكونوا قبل ذلك يتخطون رتبة الصول. وبذلك ظهرت شخصيات كأحمد عرابي بعد ذلك. والذي كان يحب سعيد باشا. وكان عرابي خلال التل الكبير يستخدم خيمة سعيد باشا نفسها.

إلغاء الجزية

ألغى سعيد باشا الجزية التي كان يدفعها الأقباط واليهود. وقام بسن قوانين تضمن المساواة في الضرائب. كما أنه فوق ذلك أصدر أول لائحة بمعاشات الموظفين المتقاعدين من الحكومة المصرية. وهو ما لم يكن موجودًا من قبل.

مخاوف نفسية

يمكن أن نقول أن خوف سعيد من الحكم عليه من قبل شعبه قد وصل لدرجة الاضطراب النفسي. يقول نوبار باشا في مذكراته أن حياة سعيد كانت مليئة بالضغوط. وأنه قد ندم على اعطاء صديق طفولته دليسبس امتياز قناة السويس. لأنه أثقل بذلك على كاهل الأمة المصرية.

ويقول نوبار أنه دخل عليه ذات يوم فوجده يبكي. فسأله عن السبب، فقال له سعيد:”لقد خربت مصر! خربتها تمامًا، ماذا سيقولون عني؟”. فقال له نوبار:”أين هو الحاكم الذي لا توجد بقع على ثيابه؟ لكن كلما مر الوقت زالت هذه البقع تماما، مثل تلك التي تترك في الشمس سيدي، ماذا سيقول التاريخ عنكم بعد عشرين أو ثلاثين عامًا، سيقول إنك رسخت حرية التجارة، وإنك لم تعرض أمن مصر للخطر، ألم تساهم في تطورها؟ ألم تؤمن لها رخاءها عندا قررت أن الأرض التي يقوم المزارع بزارعتها واستصلاحها لمدة خمس سنوات تصبح ملكًا له ولذريته من بعده؟ وبالنسبة للإجراءات المالية وبما أنك تعتبر نفسك مذنبًا بخصوص هذه النقطة، ألم تأمر بأن ينال الموظفون القدامى بدلا الأراضي بدلا من معاش نهاية الخدمة؟ ألم تفعل كل ما في وسعك من أجل النهوض بهذا الشعب”. فقال سعيد من وسط بكاءه: “بلى، لقد فعلت كل شيء من أجل رفعة الشعب المصري، لقد جعلت منهم جنودًا وضباطًا”.

ويقول نوبار أنه رغم أنه يرى أن هذا أقل إنجازاته. ولكن لرجل عسكري مثله كان يرى في ذلك شرفًا كبيرًا.

سعيد باشا وعنتري

كان لسعيد باشا خادمًا يسمى “عنتري”. ويقول نوبار باشا أنه بينما عنتري يصب الماء على سعيد أثناء الاستحمام. وقد اغتنمها سعيد فرصة ليسأله: “عنتري! ألم تفكر أبدًا ماذا سيقول التاريخ عنك؟ ألا تخجل أم أنك لا ترغب في أن يقول التاريخ بأنه كان هناك عنتري إلى جوار أمير كبير وكان يستطيع أن يتكلم معه ويناقشه ولكنه لم يفعل شيئًا لأجل قريته أو أبناء عمومته؟”

وكان سعيد في هذه اللحظة مثل طفل في جسد رجل ضخم يحث خادمه على الشكوى وأن يوصل له كلام الناس وشكواهم. ويقول نوبار:”إن ما قاله سعيد لعنتري كان تعبيرًا صادقًا عما يدور في ذهنه وهو أن التاريخ لابد أن يتحدث عنه”.

كان هذا السؤال هاجسًا لدى سعيد باشا للدرجة التي كان فيها ذات مرة يقوم استغل وجود “الحاج علي” حلاقه. وبينما هو يحلق له، سأله:”يا حاج علي! ماذا سيقول التاريخ عن عرفان “كبير خدم القصر”، حار الحاج علي جوابًا في ذلك السؤال، فقال:”هيقول إيه يا باشا كان بياكل ويشرب وينام”، لكن عرفان كان يسترق السمع من الباب، فسمع كلام الحاج علي، لم يمر أسبوع إلا ولفق للحاج علي تهمة. ونفذ العقاب بنفسه: 15 ضربة عصا! وكان يقول وهو يجلده هامسًا:”تستطيع ان تضيف أن التاريخ سيقول أن عرفان كان يعرف أيضًا استخدام العصا!”.

أقرأ أيضًا:

عندما أشتكى رئيس وزراء إسرائيل للسادات من الشعراوي

نفسي أبقى مضيفة .. صورة نادرة لسوزان مبارك عمرها 67 سنة

صاحبة أغرب طلاق ورفضت العالمية بسبب الإسلام وقصتها مع عبد الناصر.. حكايات لبنى عبد العزيز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!