تقاريرسلايد

هدنة عيد الميلاد.. كيف انتصر جمال البشر على بشاعة الحرب

تبادلوا الهدايا على الجبهة والمأكولات في الخنادق

كتب – أحمد المرسي

كانت الحرب العالمية الأولى قد بدأت فقط في صيف عام 1914، لم يكن من المتوقع أن تستمر الحرب، وادعى القيصر الألماني أن جيوشه ستعود للوطن في الخريف. ولكن سرعان ما أصبح واضحًا أن هذا لن يحدث.

مع تلاشي الخريف وحلول الشتاء. كافح الجنود في ميادين القتال. مما أدى إلى واحدة إلى أكثر اللحظات شهرة في الحرب والصراع العالمي.

كل شيء على الجبهة

في الأسابيع الأولى من الحرب، منعت القوات البريطانية والفرنسية الجيش الألماني من التقدم عبر بلجيكا إلى فرنسا في معركة مارن الأولى وفي أوائل سبتمبر انسحب الألمان من هناك وحفروا  خندق اسموه “وادي أيسن”.

أدى هذا بدوره إلى معركة أيسن الأولى ، والتي شهدت صد الألمان للفرنسيين والبريطانيين الذين قرروا تبني نفس التكتيك الذي اتبعه الألمان، وقاموا بحفر خندق مقابل.

أدى هذا الدفع الموازي لمواقع العدو من كلا الجانبين إلى حفر خنادق طويلة وفصل القوات المتحاربة، مع تمتع المدافعين على كلا الجانبين بميزة واضحة في صد أي هجوم.

بحلول شهر نوفمبر ، كان لدى كلا الجانبين خنادق متوازية تقريبًا تمتد باستمرار من الحدود السويسرية إلى بحر الشمال.

المحاولات للسلام

قبل حلول عيد الميلاد “الكريسماس”، في عام 1914. كان هناك محاولات لإنهاء الحرب. طالبت بها النساء في ألمانيا. وقام البابا بنديكتوس الخامس عشر بالتوسل للمتقاتلين من أجل صنع هدنة بين الحكومات المتحاربة. ولكن هذا لم يكن ممكنًا.

التآخي مع العدو

مع دخول عيد الميلاد كان كل شيء على الجبهة قد أصبح غريبًا. وبدا أن هناك تفاعل ما أخر غير الرغبة في القتل قد بدأ يظهر بين الطرفين المتحاربين.

بطريقة ما غير مخطط لها، رمى كلا الطرفين السلاح. وفضلوا أن لا ينفذوا اوامر قادتهم. وعلى الجبهة الشرقية حدث ما يشبه التآخي بين الروس والنمساويين والمجريين.

في نوفمبر بدأت القوات الألمانية والبريطانية تعطي فترات هدنة لتناول الطعام. وسجل أحدهم أن جندي بريطاني زاره ضابط ألماني. وسجل جراح ألماني أن الطرفين عقدوا هدنة نصف ساعة حتى يتمكن الطرفان من جمع موتاهم.

لم يكن هذا الوضع يعجب القادة في الجيش. فقد كتب القائد الفرنسي الشهير شارل ديجول أنه من المؤسف أن يترك المشاة الفرنسيون العدو في سلام. وقال قائد آخر هو فيكتور دوربال أنه أصبح هناك مشكلة عندما أصبح الرجال على معرفة بجيرانهم في الخندق المقابل. وكان يرى أن هذا سيصعب قتلهم!.

وعلى الرغم من أن تلك النظرة كانت نظرة القادة إلا أن الجنود كانوا قد سأموا القتال والقتل.

ليلة عيد الميلاد

نظرًا لأن الخنادق كانت قريبة جدًا من بعضها البعض، كان العديد من الرجال قادرين على توجيه التحيات لبعضهم البعض. ومن المحتمل أن تكون هذه هي الطريقة التي تم بها ترتيب الهدنات غير الرسمية.

بدأ الجنود يتبادلون الحديث بالإنجليزية على طول الجبهة، في البداية عن الطقس. وحياة الخنادق الصعبة، ثم رويدًا رويدًا انتقلوا إلى الحديث عن المنزل والأحباء.

كان الجنود الألمان يسألون عن بطولة الدوري الإنجليزي. ونتائجه. ثم بعد ذلك بدأوا في عزف الموسيقى لبعضهم البعض!.

تشير التقديرات إلى أن حوالي 100 ألف جندي بريطاني وألماني شاركوا في الهدنة غير الرسمية على طول الجبهة الغربية التي احتفلت بعيد الميلاد عام 1914. ووضع الجنود الألمان الشموع في خنادقهم وعلى أشجار عيد الميلاد.

تقول المصادر أن الجنود تبادلوا الهدايا في ليلة عيد الميلاد، في المنطقة المحرمة بين الخنادق، وشملت تلك الهدايا أشياء مثل “الطعام، الكحول، التبغ..”. وتبادل الجانبان قصصًا عن منازلهم البعيدة، وزوجاتهم وحبيباتهم، وأبدوا وجهات نظر بشأن الحرب.

ولكن تبقى أكثر اللحظات التي لا تنسى في هذه الهدنة غير الرسمية هو مباريات كرة القدم التي جرت.

تقول أحد القصص أن الفوج الملكي السكسونس الثالث والثلاثين كون فرقة ضد القوات الإسكتلندية. وانتصر الاسكتلانديين انتصارًا ساحقًا 4-1. وهو فوز دولي نادر.

تخبرنا المصادر أن هذه المباراة لم تكن المباراة الوحيدة. ولكن ذلك النوع من المباريات استمر بطول الجبهة. رغم اعتراض القادة.

الذكريات

الحقيقة أن تلك اللحظة الإنسانية سجلت وبقيت للأبد عن طريق نصب تذكاري يعرض الآن في إنجلترا. ولكن لا يمكن لنا أن نفهم حقيقة ما حدث إلا من خلال يوميات الجنود الذين كانوا هناك في تلك اللحظة.

تغطي مذكرات الجنود جانبًا كبيرًا من هذا الذي حدث، وتعطي نظرة ثاقبة حقيقية لأفكار الرجال الذي كانوا يموتون على الجبهة بعيدًا جدًا عن أوطانهم، ولكن لا شيء عبر عن ذلك أكثر من عبارة سجلها جندي ألماني، قال فيها:

اليوم لدينا سلام، وغدًا أنت ستقاتل من أجل بلدك، وأنا سأقاتل من أجل بلدي، حظًا سعيدًا

 

 

 

أقرأ أيضًا:

فاسيلي أركييبوف.. الرجل الذي أنقذ العالم في أخطر لحظة بالتاريخ

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!