نعيش هذه الأيام في عالم من العملات المشفرة، والرموز غير القابلة للاستبدال، والدفع بدون تلامس، مما يجعل الكثير من الناس يخشون أن تصبح العملة المادية شيئًا من الماضي قريبًا.
والحقيقة أن العملات المعدنية الموجودة في جيوبنا هي شيء قديم، لكنها كانت اختراع ثوري في يوم من الأيام.
يقف الليديون القدماء كرائدين في عالم الاقتصاد، حيث تركوا علامة لا تمحى من خلال اختراعهم الرائد: سك العملات.
تقاربت تطور التجارة والاحتياجات في ليديا القديمة، مما أدى إلى ابتكار من شأنه أن يعيد تشكيل الاقتصادات في جميع أنحاء العالم القديم.
من هم الليديون؟
كان الليديون مجتمعًا يسكن منطقة ليديا القديمة (الجزء الغربي من تركيا الحالية). يُعتقد أن الإمبراطورية الليدية تأسست حوالي عام 1200 قبل الميلاد، إلا أنها بدأت بالفعل في الازدهار خلال القرن السابع قبل الميلاد، ولفترة من الوقت كانت هناك في الأناضول.
كانت الإمبراطورية الليدية في موقع استراتيجي رئيسي، وكانت أراضيها غنية بالموارد الطبيعية، وهو ما جعلها تزدهر اقتصاديًا، وكانت عاصمتهم “سارديس” واحدة من أبرز مراكز التجارة والثقافة في المنطقة.
اشتهر الليديون ببراعتهم الحرفية، خاصة عندما يتعلق الأمر بصناعة المعادن والمجوهرات. ومع زيادة ثروة الحضارة، أصبح من الواضح أيضًا أنهم بحاجة إلى طريقة لتنظيم اقتصادهم.
وكان الحل من أجل ذلك هو سك العملة!
وقد تسبب هذا الميل وهذا الاتساع في الثروة إلى أن تكون ليديا مطمع كبير بعد أن أصبحوا أغنياء جدًا لدرجة أنه في القرن السادس قبل الميلاد جذبت ثروتهم والتطورات التي لا تعد ولا تحصى انتباه الإمبراطورية الأخمينية الفارسية القوية بقيادة كورش الكبير ولم تتمكن جميع العملات المعدنية في العالم من إنقاذهم.
فماذا عن هذا الاختراع العظيم؟
بدأت العملات المعدنية الأولى في الظهور خلال القرن السابع قبل الميلاد. وفي حين أن السجلات التاريخية قد لا تحدد فرداً واحداً مسؤولاً عن “اختراع” عملات ليديا، فإن الملك الليدي ألياتيس وخليفته كروسوس، يرتبطان في أغلب الأحيان بهذا الابتكار المالي.
كانت التجارة المتزايدة والتبادل التجاري قد جعلت العمليات التجارية معقدة للغاية. أدرك الليديون الحاجة إلى وسيلة تبادل أكثر عملية ومقبولة عالميًا من المقايضة، وسيطًا يحل جميع مشاكلهم التجارية الرئيسية بضربة واحدة.
كانت المقايضة هي عملية مرهقة تقوم على تبادل البضائع مباشرة مقابل سلع أخرى، وهو ما صعب عملية التدفق التجاري، ولهذا حولت فكرة العملة النقدية الليديون إلى أثرياء، وجعلت ملوكهم يراكمون الثروات بشكل هائل، فهم يمكنهم شراء أي شيء من أي شخص.
وهذا يعني أنهم يمتلكون أيضًا أي شيء يمكن أن يريده المتداول العابر.
كانت ليديا مليئة بالمواد الطبيعية، من الذهب والفضة، وكانت هذه المعادن مثالية لصناعة العملات، وكان من السهل تنظيمها، وشكلت سابقة سرعان ما بدأ جيران ليديا في اتباعها. فنحن نعلم، على سبيل المثال، أنه بعد وقت قصير من ظهور العملة لدى الليديين، قام اليونانيون بتقليد نفس الأسلوب وبدأوا في استخدام شكل خاص بهم من العملات المعدنية.
كيف تبدو العملات الليدية؟
بالمقارنة مع التصميمات اللاحقة، كانت العملات المعدنية الليدية الأولى، خاصة تلك القادمة من عهد الملوك ألياتس وكروسوس، غير منتظمة الشكل إلى حد ما، مما يعكس العملية العشوائية التي كان يتم قصها وتشكيلها بها.
وقد حملت أشكال هندسية مثل رأس الأسد ورأس الملك وغيرها من الأشكال.
