تقاريرسلايد

الليدي جودفيا.. قصة العارية التي أنقذت شعبها

تحولت إلى أسطورة

كتب – أحمد المرسي

تظهر لوحة جودفيا امرأة عارية تمامًا كما ولدت، وشعرها أحمر طويل يغطي ظهرها، بينما تجلس على حصان، مغطى بأغطية مزركشة، تدل على أنه حصان امرأة نبيلة، وتسير به وسط مدينة خاوية.

والحقيقة أن لوحة جودفيا لم تكن من خيال رسام فقط، حيث أنه رأى في مشهد امرأة عارية على حصان منظرًا جميلًا، ولكنه استلهم المشهد من مشهد تاريخي حقيقي.

رسمت لوحة الليدي جودفيا في سنة 1898، وقد رسمها الفنان جون كوليير. ومنذ أن فعل ذلك تم رسم عدد كبير من النسخ بأشكال كثيرة، ولكن تظل لوحة كوليير هي اللوحة الأساسية، والتي يتم الاحتفاظ بها في بلدة كوفنتري في بريطانيا، حيث كانت تلك الحادثة الشهيرة، والتي تركزت في الوجدان الشعبي الإنجليزي.

ترجع القصة إلى القرن الحادي عشر، حيث عاشت السيدة النبيلة جودفيا، وهي واحدة من القبائل الإنجلوسكسونية التي سكنت بريطانية في ذلك الوقت. وقد تزوجت من ليوفرك إيرل لميرسا، سيد مقاطة كوفنتري. واسم جودفيا أصله من اللاتينية “Godgifu”، والتي ترجمتها “هدية الله”.

عرفت جودفيا بأنها امراة نبيلة، تحب مساعدة الفقراء، متدينة وتقية، للدرجة التي تبرعت فيها بقطعة أرض وبنت عليها ك

نيسة من أجل الصلاة فيها. تبرعت فيها بالأرض، وجميع أعمال الإنشاءات، بل والزخرفة الفاخرة، كانت خجولة للغاية، ولها أصول عريقة، ولكنها تزوجت من سيد قاسي. كان يفرض العديد من الإتاوات والضرائب على شعب مقاطعته. فقد كان صورة طبيعية لحاكم من عصور الظلام الأوروبية.

طالبت جودفيا زوجها بتخفيض الضرائب عن كاهل الشعب، ولكن نصائخها لم تلقى اهتمام، وبسبب مكانتها النبيلة، حاول لعب لعبة معها، بأن قال لها أنه لن يقوم بتخفيض الضرائب عن أهل المدينة إلا إذا سارت عارية في وسط المدينة، وقد قال ذلك في محاولة لتعجيزها، من أجل تركه. وقد كان يعرف أنها لن تفعل بسبب خجلها الشديد بالإضافة إلى ورعها الديني.

ولكن الذي حدث أن دافع جودفيا من أجل انقاذ هؤلاء الفقراء كان أقوى من أي شيء، ولذلك فقد أرسلت إلى أهل المدينة مستغلة نفوذها عليها، وحبهم الشديد لها، فأخبرتهم أن يلازموا بيوتهم في وقت ما، وأن لا ينظروا من نوافذهم. ثم خرجت عارية وهي فوق حصان بصحبة حارسين لها، وقد غطت بشعرها الطويل أجزاء جسمها حتى لا تظهر عورتها، وسارت في المدينة. من أجل تحقيق طلب زوجها. كي يتوقف عن فرض الضرائب.

فوجيء ليوفريك بوزيره يدخل عليه، ويخبره أن السيدة النبيلة خرجت إلى شوارع البلدة عارية. في اليوم المخصص الذي يقام فيه السوق، والحقيقة أنه عندما خرج للمدينة وجدها فارغة، وكل الأبواب مغلقة والنوافذ موصدة. احترامًا للسيدة التي ضحت من أجلهم. فما كان من السيد إلا أن قام بإلغاء الضرائي.

تقول القصة التاريخية أن رجلا واحدًا من تجرأ على النظر إلى جودفيا في ذلك اليوم، وهو توم الخياط، والذي لقب بعد ذلك بتوم مختلس النظر Peeping Tom، فإنه لم يستطع أن يقاوم وألقى نظرة على جودفيا وهي عارية فأصابه العمى.

توم المختلس ينظر إلى الليدي جودفيا
توم المختلس ينظر إلى الليدي جودفيا

لازال أهل المدينة إلى اليوم يحتفلون إلى اليوم بذلك الحدث، ويقومون بعمل موكب. وقد بدأ هذا التقليد في عام 1677 وهو مستمر، يتم فيه تجسيد توم المختلس بتمثال خشبي من البلوط. ويحكي الموكب القصة كاملة. بينما تسير امرأة تمثل جودفيا، على حصان أبيض، كان يجسدها في الماضي رجل. وتمتلي مدينة كونتفري بتماثيل جودفيا للآن.

اقرأ أيضًا:

سليمان الحلبي.. هل كان قاتل كليبر بطلًا أم قاتلًا مأجور

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!