تقاريرسلايد

الأمير التائهة.. قصة كمال الدين حسين الذي رفض ملك مصر ومات مع الدراويش

قصة حبه لامرأة فرنسية

كتب – أحمد المرسي

يسعى الناس دائمًا إلى الغنى والسطلة، وإن كان من بينهم من زهدوا الدنيا عن حاجة، فقليل جدًا من يزهد الدنيا عن ثروة، وقليل من يتنازلون عن كل ذلك ليعيشوا حياة الخلوة والراحة النفسية، من بين هؤلاء كان الأمير كمال الدين حسين.

كمال الدين حسين هو ابن السلطان حسين كامل، والأميرة عين الحياة ابنة الأمير أحمد رفعت باشا، الابن الكبير لإبراهيم باشا بن محمد علي، أي أن كمال الدين حسين هو الثالث في سلسال الباشا الكبير مؤسس مصر الحديثة.

ظل الأمير يلقب بصاحب السمو السلطاني، وقد درس في في الأكاديمية العسكرية التريزيان في النمسا، وأصبح جنرالا في الجيش المصري عام 1914.

وراثة العرش

كان كمال الدين حسين هو الأحق بوراثة عرش مصر بعد والده السلطان حسين كامل، ولكنه تنازل دون مقدمات عن العرش، ويقول البعض أنه رفض أن يكون حاكمًا تحت إشراف الإنجليز، ويقول البعض أنه لم يفضل الحكم بشكل عام، فاعتزال الناس والدنيا، وعاش مع الدراويش.

في عام 1919 عندما اشتعلت الثورة ضد السلطان والإنجليز، وقف الأمير مع المتظاهرين، وكان من ضمن 14 أميرًا، من بينهم الأمير عمر طوسون، مؤيدًا لإرداة الشعب، وقدموا برسالة للسلطان فؤاد، يؤيدون فيها مطالبه. وكان من أكثر المؤيدين للثورة على الإنجليز.

بناء على ذلك الموقف الوطني أحب الناس هذا الأمير، ويقول عنه نجيب محفوظ في مقدمة أحد رواياته: “يا له من رجل جميل الأمير كمال الدين حسين! هل تعرف ما هو؟ فعل؟ لقد رفض اعتلاء عرش والده الراحل ما دام البريطانيون في السلطة “.

روح هائمة

هرب كمال الدين إلى الصحراء، وقام بعدد من الرحلات، وسافر للعديد من البلدان، ولم يعطي اهتمامًا بأمور الدولة، ولع  بالسفر، وقام بعدد من الرحلات الاستكشافية، وقد اكتشف الميدان الغربي المهجور والمخيف من الصحراء الغربية في مصر، خاصة هضبة الجلف الكبير، والتي لم تطأها قدم إنسان.

فقام بشراء 9 سيارات ستروين Kegresse نصف مجنزرة، من أجل تلك العملية وكانت تلك السيارات فريدة من نوعها، وكان في العشرينات من عمره، وكان يدعمه 500 جمل لحمل المؤن والوقود. فوضع الخرائط لتلك المنطقة، وكتب عنها ملاحظاته، وتم عمل نصب تذكاري له، أو ما يسمى “رجم” في تلك الهضبة لازال موجود للآن منذ عام 1925.

النصب التذكاري الخاص بالأمير في الصحراء
النصب التذكاري الخاص بالأمير في الصحراء

العشق الإلهي

انتهى الأمر بالأمير المعذب روحيًا إلى الطرق الصوفية الألبانية، حيث وجد بها راحته، ودعمهم دعمًا كبير، وجعل قصره مقرًا للقاءات شيوخهم، وهجر الحياة العامة بلا طموحات، وتخلى عن العرش قبل ساعات من وفاة والده لعمه وعم زوجته الأميرة نعمة الله، على أمل أن يكون هذا شيء يقرّبهم من بعض أكثر.  لم ينجب الأمير كمال الدين من زوجته نعمة الله، رغم أنها كانت قد أنجبت بالفعل من زيجة سابقة له.

مات الأمير بعد أن بترت ساقة بـ 4 شهور، على إثر ومضاعفات العملية الجراحية، ووكان قد أوصى أن يدفن في تلال المقطم، بالقرب من سكن الدراويش، فدفن بالفعل في كهف السودان بسفح جبل المقطم. في سنة 1932. بالقرب من قبر المتصوف الكبير ابن الفارض.

مكان دفن الأمير كمال الدين حسين في كهف بالمقطم
مكان دفن الأمير كمال الدين حسين في كهف بالمقطم

ترك الأمير قصره، لتعيش فيه زوجته وثروة كبيرة ورثها الملك فؤاد، بصفة أن الأمير لم يكن له ولد، ولكن زوجته بعد موته عاشت حياة الزهد، وفضلت أن تترك القصر للدولة، وتعيش في منزل صغير بجواره، فتحول قصره إلى مبنى وزارة الخارجية الآن.

زواجه من فرنسية

بعد موت الأمير كمال الدين حسين، أرسلت سيدة فرنسية تدعى “مدام فيال ديمنييه” برقية إلى الملك فؤاد تقول فيها أنها كانت زوجة الأمير كمال الدين حسين وأنها أنجبت منه ولدًا، وهي تطالب بحقها في ميراثه الشرعي، ولكن الملك فؤاد ضرب بكلام السيدة عرض الحائط، ولكنها لم تتوقف عن ذلك، ووكلت محامي لها ليقوم برفع قضية لاسترداد مليون جنيه حق طفلها. ليكتشف فصلًا كان غير معروف في تاريخ هذا الأمير وتاريخ مصر بالكامل.

فبعد أن دخل الأمير كمال الدين حسين مستشفى الأنجلو أمريكان في القاهرة، وقال له الأطباء أنه بحاجة إلى عملية جراحية لبتر ساقه، طلب منهم تأجيل تلك العملية، وكتب وصيته فكتب قصره لزوجته نعمة الله، ثم أجرى العملية، وبعدها مباشرة وقبل أن يتماثل للشفاء سافر إلى فرنسا رغم رفض الأطباء ذلك، حيث توفي هناك، بعد 4 شهور، وقد كان هناك من أجل حب عمره ديمنييه.

وقفت ديمنيه أمام الملك فؤاد في المحكمة، الذي رفض أي زواج لا يقره مجلس البلاط الملكي، وقرر المحامي نقل القضية إلى المحاكم المختلطة في الإسكندرية، حيث قدم الخطابات الغرامية بين كمال الدين حسين وحبيبته، والتي أكد فيها تنازله على العرش من أجل حبها.

وكان أول خطاب لها في 3 ابريل 1915 حيث كتب: “أيتها الحلم ما أتعسني بعيدا عنك، القصر الذي أعيش فيه أشد وحشة من كوخ صغير، المجد الذي حولي هو ذل وهوان بدونك، إنني أكره كل شيء حولي لأنني لا أحب سواك، إن والدي السلطان حسين كامل عرض علي اليوم أن أكون ولي عهده، أي سخافة هذه، إن معنى ذلك أن أفتقدك ولا أستطيع أن ألقاك كما أشاء وأين أشاء ..، وحين قلت له (لا)، ذهل ولم يفهم لأنه لا أحد في الدنيا يمكن أن يتخيل أن حبك عندي هو حلمي الوحيد في الحياة، حتى إنني بين ذراعيك أنسى أنني أمير وأشعر أنني عبد، أريد أن تنتهي الأزمة بيني وبين أبي لأحضر إليك، إن قيام الحرب لا يمنعني أن أترك مصر وأحضر إليك خصيصا لأعانقك”. 

وتوالت الخطابات الغرامية بين الأمير وزوجته، حيث أنه سافر وتزوجها في عام 1924، كما وصل به الأمر إلى تهديد والده الملك السلطان حسين كامل بالانتحار إذا ما أجبره على تولي العرش بعده. وإطلاق النار على نفسه. ولكن لم تخبرنا الوثائق إلى ما ما آلت إليه هذه القضية، وربما ابنه لازال حي يرزق الآن في فرنسا!.

اقرأ أيضًا: 

مارجريت فهمي.. قضية مقتل الأمير الشرقي على يد ابنة السائق الفرنسية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!