الفنسلايد

نهاية بائسة للمليونير الخفي .. حكاية علي الكسار

بلا شك الفنان الكبير علي الكسار أحد عمالقة الكوميديا في مصر والوطن العربي، ووتحد من أوائل مؤسسي فن الكوميديا في مصر جنبا لجنب مع عدوه اللدود نجيب الريحاني، حيث كانت هناك حالة من التنافس بينه وبين نجيب الريحاني، وقد اعتادا على التلميح إلى هذا الأمر بأسماء مسرحياتهم، فإذا كتب أحدهم مسرحية، يرد عليه الآخر بمسرحية مع اسم يرد به على اسم المسرحية المنافسة، وبدأ سيد درويش في مسرح علي الكسار، قبل أن يختطفه الريحاني لمسرحه.

اسمه علي خليل سالم، ولد لأب يعمل سروجي، ووالدته هي زينب على الكسار، ومنها اكتسب اسم “الكسار”، لم يكن لوالد الكسار تأثيرا كبيرا عليه، فتأثر كثيرا بوالدته، فقد سمى نفسه لأهلها، وبعدها انتقل إلى فرقة “دار السلام” بحي الحسين.

بدايات مبكرة

ولد الفنان على الكسار في القاهرة في حي السيدة زينب ونشأ بها، عمل الكسار في البداية بمهنة السروجي وهي ذات المهنة التي امتهنها والده لكنه لم يستطع إتقانها فاتجه للعمل بالطهي مع خاله لأمه، وفي تلك الفترة اختلط بالنوبيين وأتقن لهجتهم وكلامهم ومنهم حصل على تفاصيل شخصية “عثمان عبد الباسط” الشهيرة، لذا ربما تكون المرة الأولى التي تعرف فيها أن علي الكسار لم يكن نوبيا.

وفي عام 1908 كون علي الكسار أول فرقة مسرحية له وسماها “دار التمثيل الزينبي “نسبة إلى زينب والدته التي أحبها كثيرا” لصاحبها وشريكه فؤاد السويسي وكان تاجر أقمشة، ثم انتقل علي الكسار إلى فرقة “دار السلام” بحي الحسين، وهذا وفقا لحوار نادر معه في الإذاعة المصرية في العام 1956، قبل وفاته بعام واحد، وقامت والدته ببيع الفرن الذي كانت تمتلكه كي تدفع له البدلية كي لا يلتحق بالجيش من فرط حب والدته له، بما يعكس علاقة حب قوية بين الطرفين.

حوار مع علي الكسار

ويمكن التأريخ لشيوع شهرة الكسار في المسرح، بدخوله في منافسة حامية الوطيس مع الكوميديان الكبير نجيب الريحاني وابتداعه لشخصية “عثمان عبد الباسط” الشخصية النوبية التي لاقت نجاحا كبيرًا، وقد ابتكرها لمنافسة شخصية “كشكش بيه” التي كان يقدمها الريحاني، ونجحت شخصية “عثمان عبد الباسط” نجاحاً عظيماً ولا تزال خالدة في ذاكرة الكوميديا المصرية والعربية.

وفي عام 1934 سافر علي الكسار إلى الشام وقدم مسرحياته هناك ولاقت نجاحاً كبيراً، بعد ذلك مر بأزمة أدت إلى إغلاق مسرحه بالقاهرة بعد أن قدم ما يزيد على 160 عرضاً مسرحياً،

واتجه علي الكسار بعدها إلى السينما وقدم فيها عدداً من الأفلام الناجحة من أشهرها:”بواب العمارة” في عام 1935- وهو أول أفلامه الطويلة، لكن قبله قدم فيلم قصير يحمل اسم “الخالة الأمريكانية” في سنة 1920، من إخراج بونفيلي، ولعب في الفيلم دور امرأة، وفيلم “ألف ليلة وليلة” و فيلم “محطة الأنس” والذي يعد نسخة أولى من الفيلم الشهير محطة الأنس لسعيد صالح ويونس شلبي وسمير غانم.

ومع صعود نجم إسماعيل ياسين وعبد السلام النابلسي انصرف المنتجون عن علي الكسار، مما وضعه في مأزق مادي فترك الحياة المرفهة التي عاشها، وسكن في غرفة مشتركة مع أحد الأشخاص، وعاش حياة فقيرة جدا.

وفي قصة طريفة، قال علي الكسار إنه اشترى خروف قبل العيد بيومين، واصطحبه معه للمنزل، وحبسه في الحمام موضحا أن فتاة من أولاد أولاده دخلت الحمام، فخرجت خائفة وخرج الخروف يتجول في الشقة، فنظر في المرأة وجد نفسه فتذكره خروف أخر، فنطح الزجاج وكسره، وشرب الجاز من المطبخ موضحا أنه أجل ذبح الخروف حتى تذهب رائحة الجاز من الخروف، ويذهب للجزار لتوصيته على لحم العيد، فقابله أحد أصدقائه وسأله على ما حدث فحكى له ما حدث للخروف، وطلب منه عمل غسيل معدة في الإسعاف، فاتصل الكسار بالأسعاف فأغلقوا الخط في وجهه، فذهب بالخروف للإسعاف لعمل غسيل معدة، وذهب به فريق الإسعاف إلى مستشفى المجانين ظنا منهم إنه مجنون.

هذه القصة حكاها الفنان علي الكسار في لقاء إذاعي له، وفي نهاية اللقاء قال أنه كان يحلم، ولا نعلم هل كان يحلم بالفعل، أم بعد الحكاية قرر وضع تفصيلة الحلم بعد ذلك، وعرف الكسار بلقب المليونير الخفي، حيث تحسنت أوضاعه المالية كثيرا وصار من أغنى فناني مصر، لكنه لم يحب أن يُظهر ذلك.

 

وفاة الفنان علي الكسار

وتوفي الفنان الكبير علي الكسار في مستشفى القصر العينى يوم 15 يناير عام 1957 عن عمر ناهز ال69 عام بعد معاناة طويلة مع مرض سرطان البروستاتا، وتوفي في غرفة مشتركة من الدرجة الثالثة في المستشفى بعد أن ملأ الدنيا فنا ومتعة.

ونشر على مواقع التواصل الاجتماعي فاتورة لتكاليف جنازة الفنان علي الكسار، وتكلفت جنازته 27 جنيهًا فقط، بواقع 20 جنيه للصوان وخلافه و5 جنيه كهرباء و2 جنيه ميكرفون، وبعد وفاته بـ 7 أشهر عرض فيلمه الأخير “أنا وأمي”، من بطولة تحية كاريوكا ورشدي أباظة، وأقيم له حفل تأبين في وزارة الارشاد القومي بمسرح حديقة الأزبكية.

وقام ابنه الأصغر ماجد الكساربتأليف عدة كتب عنه، أهمها: (علي الكسار في زمن عماد الدين)، الصادر عن دار نهضة مصر.

أقرا أيضا

أسوأ عام في حياة معالي زايد 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!